حقا بالشكر تدوم النعم قال تعالي : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} . نعم الشكر لله أولاً وآخراً ويجب أن تكون غاية الإنسان في هذه الدنيا هي مرضاة الله تعالى (الخالق) لا المخلوق, وعندما يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإنه سوف يعمل بجد وإخلاص منقطع النظير , ولن يبتغي من وراء ذلك جزاءاً ولا شكوراً . عمل بسيط قد تنال به مرضاة الله سبحانه وتعالى أما رضا البشر فغاية لا تدرك , ومن يرضى عنك اليوم قد يغضب منك في الغد . ونحن نتأمل هذا الكم الهائل من خطابات الشكر والتي تحمل العديد من المسميات مثل (شكر وتقدير وعرفان وإهداء ولمسة وفاء ... الخ) , وتجدها على شكل نماذج أو جوائز وأوسمة ونياشين ودروع وكؤوس وميداليات ! وتجد فيها أحيانا من الكلمات والعبارات والتي هي أقرب إلى الرومانسية والغزل منها إلى منطق الإدارة والعمل ! على وزن (عندما تعجز المشاعر فتخوننا الكلمات ) الحقيقة لا أعرف اذا كان الموجه إليه هذا الإطراء مسئول أو موظف , أو من زوج إلى زوجته أو حتى إلى محبوبته ؟ّ! وأيضا تجد عبارات من العيار الثقيل جداً مثل ( تتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات لتنظم عقد الشكر الذي لا يستحقه إلا أنت ) ! يخال إليك وأنت تتأمل هذه العبارة بأن هذا المسئول أو الموظف قد جاء بما لم يأتي به الأوائل ! بل أحيانا تمتد الإشادة كي تشمل حسن الضيافة (المائدة) , دون أدنى اعتبار للخسائر التي تكبدها المضيف من جيبه الخاص ! أحيانا عندما تذهب الى أي إدارة أو مدرسة أو عيادة او شركة وتجد هذا الكم الهائل من شهادات التقدير والدروع والميداليات والكؤوس والهدايا التذكارية يخال إليك أننا نعيش في مجتمعات قد وصلت إلى القمة في السيادة والريادة (النجاح) بل وفي جميع المجالات ؟! يعني الكل حقق الفوز والانتصار (الكمال) . بل تجد البعض من المسئولين يحرص على أن تكون هذه الإنجازات (المضروبة) وقد اصطفت على مكتبه أو في دواليب من خلفه وعلى جانبيه وأحيانا قد يضيق بها المكان كي يشاهدها الجميع ( بطولاته) ! مع أنها في الغالب قد جاءت من باب المجاملات !
طبعا تجدها قد حلت بدلا من المكتبة التي كان يحرص كل مسئول أن تبدو خلفه (الثقافة) خاصة عندما يقوم بالتقاط الصور التذكارية ! والتي يبدو أن الثقافة في هذا العصر لم تعد تغني أو تسمن من جوع . بل تجد أن ذلك قد تحول بدوره إلى نشاط اقتصادي كبير (صناعة) , ترتب عليها قيام اسثمارات ضخمة ، حيث تجد العديد من المحال التجارية التي تقدم لك العديد من الخيارات سواء كان ذلك على شكل دروع وكؤوس أو نماذج ، والعبارات والكلمات تحت الطلب بل ويتم استخدام الشعارات والعلامات التجارية للعديد من الوزارات والمؤسسات دون أدنى اعتبار لها (حقوق الملكية) . بل أنك تجد البعض خاصة في القطاع الخاص يحرص على أن يتم عرضها (الإنجازات) في صالات الانتظار أو الاستقبال للدلالة على النجاح والتميز ! حقا أنه ولع الشرق في الشهادات (الإطراء) ! الشكر والتقدير كما هو حال الكلمة الطيبة أحيانا قد يكون لها مفعول السحر , ويجب أن تكون (ثقافة) سائدة ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله . ولكن احترام العقول مطلوب أما أن يتحول ذلك إلى نوع من الهوس وإلى غاية بدلا من كونها وسيلة . أعتقد أنه مع هذا الطوفان من التقدير والتبجيل سوف يفقد فن (الشكر) بريقه ويصبح غير ذات قيمة أو تأثير . يجب أن يعلم كل مسؤول أو موظف أن ما يؤديه من عمل يدخل في صلب واجباته الوظيفية وأنه مقابل أجر معلوم يتقاضاه , وأنه يستمد شرعيه بقدر ما يحققه من إنجازات لا ما يحصل عليه من دعم أو إشادة أو تقدير أو شهادات من هذا أو ذاك .
- 18/10/2022 ملك ماليزيا يقلّد رئيس هيئة الأركان العامة وسام “القائد الشجاع”
- 18/10/2022 تطبيق الدوام الشتوي في مدارس الحدود الشمالية الأحد القادم
- 18/10/2022 “إحكام” توضح أنواع الوثائق والمستندات في طلبات تملك العقارات
- 18/10/2022 تفاصيل عدد الإصابات الجديدة بكورونا وحالات التعافي والوفيات خلال الـ 24 ساعة الماضية
- 18/10/2022 “التعليم” تعلن جدول دروس الحصص اليومية لكافة المراحل الدراسية
- 18/10/2022 الأرصاد: طقس مستقر على معظم مناطق المملكة
- 17/10/2022 أمير منطقة الجوف يتفقد مركزي ميقوع والنبك أبو قصر التابعة لمحافظة طبرجل ويلتقي الأهالي
- 17/10/2022 أميرِ الجوف: الخطاب الملكي أمام مجلس الشورى مصدر عز وفخر واعتزاز
- 17/10/2022 تفاصيل عدد الإصابات الجديدة بكورونا وحالات التعافي والوفيات خلال الـ 24 ساعة الماضية
- 16/10/2022 أمير الجوف يلتقي مديري القطاعات الخدمية والأمنية بمحافظة طبرجل
المقالات > ثقافة الشكر بين الإفراط والتفريط ؟!
فوزي محمد الاحمدي

ثقافة الشكر بين الإفراط والتفريط ؟!


وصلة دائمة لهذا المحتوى : http://www.al-alya.org/articles/14890.html
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
我的名字是贝尔萨
12/11/2019 في 11:05 م[3] رابط التعليق
الدّين هو البوصلة التي تساعد الإنسان على الحفاظ على اتجاهاته السّليمة في هذه الحياة، وتحول بينه وبين الهيام على وجهه دون هدف، ممّا قد يعرّضه إلى السّقوط في براثن الشّر. لا يغرّنك ارتقاء السّهل إذا كان المنحدر وعراً.
我的名字是贝尔萨
11/11/2019 في 12:09 ص[3] رابط التعليق
تذكّر أنك كنت رائعاً وما زلت كذلك، لكنك نسيت نفسك بين متاعبك وتركتها ضحية لأحزانك، ولظلم غيرك فلا تظلم نفسك، بأن تقيدها بالحزن ألا يكفيها قهر الزمن، وظلم البشر، ما زال المطر ينهمر.. ويشتد وقع صوت تلك القطرات على نافذتك.
عبدالملك الدغماني الرويلي
08/11/2019 في 9:53 م[3] رابط التعليق
آه ما أكأب الشتاء لياليه، وأيامه وما أقساه حين أخلو لنار موقدي الخامد، والقلب مغرق في أساه، لست أصغي إلّا إلى ضجة الإعصار، بين النخيل والصفصاف. تنهمر الأمطار بغزارة، ارتبكت الشوارع، أقفلت المتاجر، الكل مسرعاً باحثاً عمّا يحميه من المطر، وها هم الأطفال هاربين لبيوتهم احتماءً مِن ماء المطر، غلقت الأبواب وأحكم إغلاق النوافذ.
عبدالملك الدغماني الرويلي
08/11/2019 في 9:50 م[3] رابط التعليق
أعشق الشتاء، لأن المطرَ دائماً يشعرني بالطمأنينة فهناك رب لن يضيّعنا. مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام رغم هدوء ليالي الشتاء إلّا أنك تجد ضجيجاً داخل قلبك أينما ذهبت
فوزي محمد الاحمدي
19/03/2017 في 10:02 م[3] رابط التعليق
ارسال اي خبر او تعليق
ابو خالد
19/03/2017 في 9:28 م[3] رابط التعليق
فعلا كلامك صحيح
وبالنسبة للشكر فقد اصبح الشكر على مزاج ورغبة الادارة للموظف اذا حبوه مجدوه وكرموه وان لم يحبوه راوا مايقدمه من واجباته في العمل فقد تعودوا عليه يتعب ويبدع مطلقين عليه انه اعتاد على ذلك فلما الشكر اذن
واعتبروا الشكر مضيعة للوقت واحباط للبقية ..
ولكن عند الله لايضيع اجر العاملين فهو المكافي الحق واعلم بالنيات .